|

خالد كساب للتجرير: مباشر من السما

مباشر من السما
November 5th, 2011 9:40 am  


كان «خيرى شلبى» مستنداً على سحابه على هيئة مكتب.. يدخن الشيشه وهو يكتب باراجراف الختام فى «بورتريه» أخير عن مصر بعد أن استطاع رؤيتها من فوق بوضوح.. «شهور صعبه كثيره مرت.. حدثت فيها أحداث جسام غيرت مجرى الحياه تماماً.. القوالب نامت والأنصاص قامت.. وصلت الهيصه إلى أقصى ذراها الهزليه.. إسترد أعداء الثوره ممتلكاتهم ومراكزهم وأحزابهم وجرائدهم.. انضربت جميع القيم النبيله.. الحريه والشرف والأخلاق والعداله الإجتماعيه والوطن.. كلها أصبحت مفردات سيئة السمعه.. وفجأه.. انطفأت جميع الأضواء فغرقت المدينه فى ظلام دامس.. وصرنا كجثث تتقلب فى قبر أضيق من زور خالد سعيد الذى لم يتسع للفافة بانجو»!
يجلس «حجازى» على مسافه منه متأملاً فى السحابات الماره من أمامه بينما خياله منهمك فى محاولة تفكيكها إلى رسومات وأشكال وتكوينات.. يلمح من ضمنها ثلاث سحابات متجاورهعلى هيئة تنابلة السلطان فيلقى نظره إلى الأسفل.. ثم يبتسم بعد طول إكتئاب وتوقف عن الرسم.. يخرج قلمه من جيبه ويرسم على السحابات فوق اكتاف التنابله الثلاثه ست كتافات.. وفوق رؤوسهم يضع ثلاث كابات خضراء كاكى.. ويكتب أسفلهم.. «تنابلة المج…….».. وقبل أن يكمل ما يكتبه.. يفاجأ بملاك من النيابه العسكريه يضع يده على كتفه وهو يخبره.. «إتفضل معايا لو سمحت».. فيسأله حجازى متعجباً.. «ليه ؟!».. يخبره الملاك وهو يخبىء سلاحه الميرى خلف أجنحته البيضاء.. «إتلاف سحابات عامه»!
من أمامهم يعبر أنيس منصور بجانب السادات.. أنيس ينهى ما كان يقوله.. «بس يا ريس.. وعنها.. حلفوا ما هم متعتعين إلا لما يضمنوا إن ما حدش حيسألهم عن أى حاجه فى المستقبل».. يقهقه السادات وهو ينفث دخان البايب من فمه.. «إنت حتقولى.. ما أنا عارفهم كويس.. آل يتعتعوا آل.. الله يحظك يا أنيس».. يسحب نفساً من البايب قبل أن يسأله.. «وعملى الأسود.. أخباره إيه؟!».. فيجيبه أنيس.. «أهو مرمى فى المستشفى لحد ما يظبطوله البراءه.. خربها الله يخرب بيته».. يقهقه السادات وهو ينظر لأنيس.. «وما قلتلوش كده فى وشه ليه يا أنيس ؟!».. يصمت أنيس محرجاً.. فيقهقه السادات وهو يضع يده على كتفه ويدفعه لإكمال سيرهما.. «ليك وحشه والله يا أنيس.. تعالى تعالى.. زمان الولاد الملايكه جهزوا الغدا»!
فى صالة الوصول الرئيسيه بالسماء.. يعبر «أحمد الهوان» أو «جمعه الشوان» و«بقلظ» أو «سيد عزمى» من ماكينة التفتيش بحثاً عن أى مشاعر قذره قد تكون بحوزتهما من الأرض ولا حاجه.. تؤكد الماكينه خلوهما من أى ملوثات فيعبران.. ينظر بقلظ إلى جمعه الشوان بإعجاب.. «دا شرف ليا إنى أكون فى نفس الرحله مع بطل قومى زيك».. يبتسم الشوان له بأسى.. «بطل قومى ؟!.. آه طبعاً.. بدليل حق العلاج اللى ما كنتش لاقيه.. والتكريمات اللى ما اتكرمتهاش.. والتقدير اللى عمرى ما شفته».. يرى بقلظ أنها قلبت غم.. فيداعب الشوان.. «ما انت برضه مش لعيب كوره يعنى عشان يكرموك.. دا انت حيالله خاطرت بحياتك وسط الأعداء وفى عقر دارهم واشتغلتهم كلهم علشان تجيب لبلدك أحدث أجهزة التجسس من العدو.. ودا ييجى إيه ده جنب بطولة أفريقيا ؟!».. يبتسم الشوان فيرضى بقلظ عن نفسه ويشعر أن ماما نجوى زمانها دلوقت فرحانه بيه عشان خفف عن البطل بتاعنا همومه وأحزانه.. ينظر بقلظ خلفه بأسى بينما البوابه التى دخلا منها قد اختفت.. فيسأله الشوان.. «مالك؟».. فيخبره بقلظ.. « زعلان على الأطفال اللى زى الورد اللى عايشين فى بلد – للأسف – ما بتحبش عيالها قد ما همه بيحبوها»!
فى المساء كانوا جميعاً يجلسون على مقهى «الندوه السماويه».. باستثناء حجازى الذى كان يتابعهم من خلف قضبان سحابة الحبس الإنفرادى.. بينما «حسن الأسمر» يطبل على الترابيزه بيده وهو يغنى.. والجميع يرددون خلفه.. «واتخدعنا.. اتخدعنا.. أنا وانت يا قلبى اتخدعنا.. اتخدعنا»!

Posted by عمرو فكرى on 3:19 PM. Filed under , . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0.
اوعى ماتسيبش رد

0 comments for "خالد كساب للتجرير: مباشر من السما"

Leave a reply

تعليقك هاينورنا