|

عمر طاهر يكتب في التحرير: رحم الله النقيب الزيني


Monday, July 11, 2011


(1)
في الوقت الذي أصبحت سرقة السيارات فيه أمرا عاديا في شوارع القاهرة، وأصبح من العادي أيضا أن تذهب لتحرير محضر فيطلب منك ضابط القسم أن تبحث عن السيارة المسروقة مع أصدقائك.. في الوقت الذي يسحب فيه بعض الضباط الكراسي ليجلسوا في الظل، ويشربوا الشاي، ويفكروا ألف مرة قبل أن يمارسوا مهامهم بإخلاص.. في هذا الوقت ما زال بيننا ضباط شرفاء، على استعداد للتضحية بحياتهم (التي ما زالت في بدايتها)، من أجل أن يؤدوا عملهم بإخلاص ورجولة يحسدون عليها.
تعظيم سلام للنقيب الشهيد محمد علي الزيني الذي استشهد على يد أحد لصوص السيارات الذي كان يتعقبه ويطارده لإعادة السيارات المسروقة لأصحابها، فلقي حتفه برصاصة قاتلة، تعظيم سلام له ولأمثاله من الشهداء الذين يخدمون الوطن بإخلاص في المربع الذي يقفون فيه.
فات ثوار مصر وشعبها أن يشاركوا في جنازة الشهيد الذي أخلص لرغبة أهل مصر في عودة الشرطة إلى الشارع، وإذا كنا نطالب بإعدام قتلة الشهداء، فهذا الرجل الذي استشهد مخلصا لبلده ولمهنته ولحلمنا جميعا في عودة الأمن، يستحق أن نضع صورته جنبا إلى جنب صور الشهداء في ميدان التحرير.
(2)
حاول أن تتخلص يا صديقي من ربط الشكوى بالثورة، أنا معك في كل ما تشكو منه.. أقولك على حاجة.. أنا معك أن عجلة الإنتاج بعافية، والاقتصاد بيقع، والبورصة مهزوزة، وفيه انفلات أمني، وفيه قلة أدب في الشارع عموما، وفيه تضليل إعلامي، وفيه تعطيل لمصالح البسطاء، لكن لست معك في أن تحمل كل هذه المشكلات على الثورة.
لأن الثورة لا تدير الحكم، الثورة لا تمتلك أدوات لحل هذه المشكلات، الثورة أسقطت عباءة الخوف والذل والاضطهاد، وستظل تلعب هذا الدور، لكنها لا تصدر قرارات واجبة التنفيذ، لأن القرارات لا يتم تنفيذها إلا إذا كانت تحمل «ختم النسر»، والختم في جيب المجلس العسكري.
المجلس العسكري هو الذي يدير البلاد.. هو المسؤول عن توفير الأمن وضبط هواء عجلة الاقتصاد وحماية الثورة حتى من نفسها.. الثورة والثوار مثلك يا صديقي يعانون من المشكلات نفسها التي تعاني منها، ويضغطون حتى تنصلح الأمور، هم لا يكتفون بالشكوى مثل حضرتك، ومع ذلك تشكو منهم كثيرا.
أرجوك لا تحكم على الثورة من خلال كل من يتحدث باسمها، قد يكون بينهم أشخاص مزعجون نفسيا بكل ما فيهم من افتعال، أو حماقة كدابة، أو تهييج للمشاعر خال من الموضوعية، لكن احكم على الثورة من خلال المطالب التي يحتشد الناس من أجلها في الميدان، إذا كنت تجدها مطالب مبالغا فيها، أو لا تعبر عنك.. فصدقني وأقولها لك بكل الأمانة.. تبقى المشكلة في حضرتك.
(3)
طيب.. إذا انشغلنا جميعا في الثورة (سواء انشغلنا في تأييدها أو معارضتها أو الشكوى منها)، سننسى جموعا كثيرة من المصريين تنتظر رمضان من العام للعام، أملا في نفحات تخفف قسوة الأيام والظروف، شنطة رمضان أو كرتونة رمضان، أيا كان اسمها، إذا كانت واجبا في السنوات السابقة، أعتقد أنها أصبحت فرضا على كل المقتدرين هذا العام، الظروف التي نعيشها كانت أقسى على البعض أكثر منك يا صديقي، وأنت تعلم ذلك جيدا، ولذلك أحاول أن ألفت نظرك لشيئين، الأول أن هذه النفحة الموسمية التي كنت تراها من حق الفقراء المعدمين، اتسعت دائرة استحقاقها، وشملت نتيجة الظروف الراهنة من يمكن اعتبارهم «نصف فقراء نصف موسرين»، بما يعني أنك ملزم بتقديمها لمن تعتقد أنهم لا ينتظرونها.. فقط تحتاج إلى تقييم حالة كل من حولك، ولا تبحث عن الثواب بعيدا، فربما يكون موجودا بالقرب منك.. ربما على بعد خطوات من باب شقتك، والثاني أن هذا أول رمضان بعد الثورة والثورة تعني أفكارا جديدة.. أحسن الظن بك، وأعرف أنك ستوزع على المحتاجين شنطة رمضان مع بداية الشهر بعد عدة أسابيع.. لكن -وحتى هذا الوقت- هل فكرت في أن توزع عليهم هذه الأيام شنطة شعبان؟


Posted by عمرو فكرى on 4:45 PM. Filed under , . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0.
اوعى ماتسيبش رد

0 comments for "عمر طاهر يكتب في التحرير: رحم الله النقيب الزيني"

Leave a reply

تعليقك هاينورنا