|

أسامة غريب يكتب في التحرير: ذكاء حسني مبارك


July 11, 2011


منذ سقوط الطاغية على يد ثورة 25 يناير والسؤال لا يفارق خيالي:
كيف استطاع حسني مبارك وهو الرجل منخفض الذكاء متواضع المدارك أن يفعل بمصر كل ما فعل؟ كيف أمكنه أن يحول دولة كبيرة منيعة بحجم مصر إلى كيان مريض يتسول طعامه من أعدائه؟ وكيف تأتى له أن يضع مصر على حافة الاقتتال الطائفي؟ الذي جعل هذه الأسئلة تأتي على خاطري هو معرفتي أن مبارك الذي تخرج في الكلية الجوية عام 1950، كان ترتيبه الأخير على دفعته!.. أي أنه كان أقل الطلاب تحصيلا وأدناهم ذكاء، ومع ذلك فقد مرت به الأيام ووجد نفسه حاكما لأكبر دولة عربية! البعض يفسر حظوظه الكبيرة التي لا تتناسب مع إمكانياته ببيت الشعر العربي القائل: ولو كانت الأرزاق تجري على الحجي-إذن لهلكت من جهلهن البهائمُ
نعود إلى السؤال: كيف استطاع أن يفعل هذا بوطن الثوار والأحرار، منبع العلم والعلماء، مقر الفكر والأدباء ومستقر المشايخ الأجلاء؟ في اعتقادي أن الإجابة تكمن في أننا لم نتصور أن رئيسنا، الذي لم ير من هذا الوطن إلا الخير، يمكن أن يكون عدوا لنا، ولهذا فإننا لم نأخذ حذرنا منه واستأمناه بكل بساطة على مصائرنا كما فعلنا مع عبد الناصر والسادات. تركنا له إدارة أمرنا، ونحن نظن أن نصيبه من النجاح قد يكبر أو يصغر، لكن لم يدر بخاطرنا أنه يحمل ضدنا حقدا دفينا، ولم نتصوره بكل هذه الشراسة والنهم، ولا خطر ببالنا أن تدمير مصر هدف أساسي له.
لو أن مبارك قد أتانا غازيا على رأس جيش أجنبي واستولى على حكم مصر، لكنا قد قاومناه وهزمناه مثلما فعلنا مع كل الغزاة. لكن المشكلة أننا تصورناه واحدا منا، فكنا نغفر له ونفسر جرائمه التي تتالت في حقنا على أنها قرارات عميقة، لا نملك القدرة على فهمها في الحال، لكن سنرى أثرها في المستقبل.
على سبيل المثال كان جهاز المخابرات قد قبض على جاسوس صهيوني اسمه مصراتي، من يهود ليبيا، ومعه ابنته، حدث هذا في نهاية الثمانينيات، كان الجاسوس شديد الإجرام فتطاول على هيئة المحاكمة، وأتى فعلا غريبا عندما تبول داخل القفص، في استهانة مقصودة بهيئة المحكمة، الأمر الذي حدا بالقاضي إلى الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في هذه الواقعة. وفجأة نشاهد في نشرات الأخبار خبر الإفراج عن الجاسوس مصراتي، وذهابه إلى إسرائيل، والاحتفال الأسطوري الذي لقيه في مطار بن جوريون. لم يصدق الناس أن يحبط مبارك رجال المخابرات الذين تتبعوا الشبكة وأوقعوها، فيهدر جهود أفرادها ويسلم الجاسوس للأعداء. ومع هذا فإن شعب مصر الطيب قد فسر ما حدث بأن وراءه، لا شك، مصلحة قومية كبرى لا نعرفها!
مرت سنوات قبل أن نعرف أنه لا مصالح وطنية ولا يحزنون وأن الأمر لا يعدو عمالة صريحة للعدو وخطة يتم تنفيذها، كان له فيها دور محوري على طريق بناء دولة إسرائيل الكبرى. ما حدث لنا في ثلاثين سنة هو نفس ما حدث للضفدع الذي وضعوه في إناء به ماء دافئ، ثم وضعوا شمعة صغيرة تحت الإناء، فظلت درجات الحرارة ترتفع ببطء شديد لم يشعر معه الضفدع بأي خطر، ولا وجد داعيا لأن يقفز من الإناء، ولم يدرك ما حدث له إلا بعد أن وجد نفسه مسلوقا. لكن رغم هذا يمكن القول إن مستوى ذكاء مبارك قد ساعدنا كثيرا بعد أن اتضحت لنا الصورة، وأدركنا أن مبارك عدو لمصر، فقررنا أن ننفض الركام، وننهض لنواجهه فكانت الثورة المصرية التي استعملنا فيها قوتنا وذكاءنا في مقابل قوة مبارك وذكائه «المحدود

Posted by عمرو فكرى on 4:07 PM. Filed under , . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0.
اوعى ماتسيبش رد

0 comments for "أسامة غريب يكتب في التحرير: ذكاء حسني مبارك"

Leave a reply

تعليقك هاينورنا